الأنين الصامت أنا أخوك يا عليّ كان أبي رحمة الله عليه قد استوصاني بك خيرا ، فقد رباني على النخوة و الرجولة ، و غرس في نفسي معاني الأخوة الجميلة ، ولما توفي أصبحت وارث سره ، بصفتي الأكبر ، لذلك فقد اعتليت مكانه ، فصرت أذود على لقب العائلة بكل ما أوتيت من قوة ، و أحمي بيضتها. لذلك لما تزوجتُ ، و أنت ابن الخمس سنوات ، رعيتك خير رعاية ، لم أكن أنظر إليك كأخ صغير لي ، بل كأكبر ابن لي ، عشتَ معنا في طمأنينة و سعادة ، رغم أني لم أكن سوى فلاح و بالكاد كنا نحقق الكفاف ، لم أشأ أن تكرر الخطأ الذي وقعتُ فيه بمغادرتي للمدرسة ، لذلك سجلتك فيها ، و حرصت على مراقبتك ومتابعتك في دراستك كي تتفوق ، و كان لك ذلك بأن توّجت مسيرتك الدراسية بالحصول على شهادة عليا ، خولت لك أن تكون مهندسا.منذ تلك اللحظة بدأت الفجوة تكبر بيننا ، رحلت و سكنت بعيدا عنا في هذه المدينة ، وتغيرت معاملتك لي ، فقد أصبحت قاسيا و صرت تنتقد كل شيء في بيت أبينا، و ازداد الأمر سوءا لما تزوجتَ ، فقليلا ما كنت تزورنا ، أما زوجتك فقد كانت نائبة من نوائب الدهر على أسرتي ،فلسانها الطويل لم يرقب فينا إلاّ و لا ذمة . لقد مضى على زيارتك الأخيرة أكثر من ثلاث سنوات ، و انقطع تواصلك معنا ، أ بعد أن اشتدّ عودك تتركنا و لا تكلف نفسك عناء السؤال عن أحوالنا؟ أهذا هو تجسيدك للأخوة ؟ هل نسيت كم احتملتك بين ذراعي ؟ أعلم أن تأثير زوجتك في شخصيتك عظيم ، فكثيرا ما تردد على مسامعك جملة "فكر في مستقبلنا" لتمنعك من الإحسان إلينا ، لكن أين رجولتك ؟ أين قوامتك ؟ أخي عليّ ، لما طال غيابك عنا ، قررت أن آتي إلى هذه المدينة للبحث عنك ، و قد أخبرت من أحد الجيران أنك أصبحت موظفا ساميا ومديرافي إحدى الوزارات ، و ما وجدت مقرّ عملك إلا بشق الأنفس ، و لما سألت البواب عنك ، أخبرني ألا أحد يعمل هناك يحمل هذا الاسم ، و بعد أخذ و رد في الكلام ، فهمت أنك غيّرت اسمك ، أهكذا تتنكر للقب أبيك الذي طالما احتواك ، و تتنصل من لقب أخيك الذي طالما رعاك ؟ و لما طلبت منه أن يبلغك أني أودّ لقاءك ، أجبته أنك في اجتماع و لا يمكنك استقبال أحد ، و ما علي سوى الانتظار في الخارج. و بينما كان يحدثني البواب ، برزتَ ببذلة أنيقة و ربطة عنق ، في تلك اللحظة تحرك قلبي شوقا إليك ، و ظننتُ أنك عدلتَ عن قرارك بانتظاري ، لكن و في منتصف الطريق رجعتَ ، لما رأيتني بجلبابي . أتتقزز من منظري بهذا الجلباب يا علي؟ هل أصبحتُ عارا على سمعتك أمام البواب ؟ ألهذه الدرجة تهمك المظاهر الخداعة؟ فلتعلم أن هذا الجلباب طالما تعلقت به عندما يرعبك كلب و نحن ذاهبون إلى المدرسة، و أن جيوب هذا الجلباب طالما حملت إليك هدايا ، إن هذا الجلباب سيبقى رمزا للتضحية و الإيخاء ،أما ربطة عنقه فلن تزيدك إلا خنقا للمشاعر و الكلمة الطيبة و قطعا للأخوة. و اعلم أني ما جئتك من أجل دريهماتك و لا لطلب مساعدتك ، و لكن صلة للرحم ، و تنفيدا لوصية أبي ، و دفاعا على سمعة العائلة التي لطختها بأفعالك . إني عائد لموطني راجيا من الله أن ينير بصيرتك ، و يعيد لك رشدك. هذه الرسالة عمدت إلى كتابتها بعدما عدتَ لعملك ، و تركتها عند البواب ليسلمها لك.
رسالة من أخ لاخيه..تهز الافئدة وتحرك الوجدان... هل هذا جزاء أخ كان بمرتبة اب منحك كل طيبه...فمنحته كل الذل والهوان.... تبقى العبرة لمن يعتبر...بوركت فريد على القصة قمة في الروعة والله..
هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة
احترم مواضيع الآخرين ليحترم الآخرون مواضيعك لا تحتكر الموضوع لنفسك بإرسال عدة مساهمات متتالية عند طرح موضوع يجب أن تتأكد أن عنوان الموضوع مناسب او لا تحل بحسن الخلق و بأدب الحوار و النقاش لا تنس أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية, فلا تتهجم على عضو بدعوى أنه لا يشاطرك الرأي ان قطعت عهدآ مع عضو فأوفي بوعدك لأنه دين عليك إن حصل خلاف بينك و بين عضو حول مسألة ما فلا تناقشا المشكله على العام بل على الخاص ان احترمت هذه الشروط البسيطة, ضمنت حقوقك و عرفت واجباتك. و هذه افضل طريقة تضمن بها لنفسك ثم لمساهماتك و مواضيعك البقاء و لمنتداك الإزدهار في موقعنا إدارة منتديات إيمازيغان
الرئيسية
2014-11-11, 11:22
2010-11-27, 01:35
هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة 
